في تطور قضائي بارز شهدته تونس هذا الأسبوع أصدرت محكمة الاستئناف المختصة بقضايا الإرهاب أحكامها النهائية في ملف اغتيال الشهيد شكري بلعيد، وذلك بعد مرور أكثر من 12 عامًا على الحادثة التي هزّت الرأي العام المحلي والدولي.
النهضة: "البراءة تؤكد بطلان الاتهامات"
وفي أول تعليق رسمي على هذه الأحكام، رحبت حركة النهضة بما صدر عن القضاء التونسي، معتبرة أن خلو لائحة الأحكام من أي إدانة لعناصرها، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يُعد دليلاً واضحًا على براءة الحركة ورئيسها من التورط في هذه الجريمة.
وأكدت الحركة في بيان صحفي اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 أن هذه المرحلة تطوي سنوات طويلة من "الافتراءات والتشويه السياسي" التي طالتها، مشيرة إلى أن القرار يعكس "نزاهة القضاء واستقلاليته رغم الضغوط الإعلامية والسياسية"
"القضاء مستقل والحكم صدر في غيابنا عن السلطة"
وفي ردها على الاتهامات المتكررة بالتأثير على القضاء، أوضحت النهضة أن هذا الحكم صدر في وقت لم تكن فيه جزءًا من السلطة، وهو ما يدحض — بحسب تعبيرها — الشبهات التي طُرحت حول وجود "تدخل سياسي أو هيمنة حزبية" على المؤسسة القضائية.
ودعت الحركة مختلف الأطراف السياسية والإعلامية إلى احترام قرارات العدالة وعدم استغلال القضية لتحقيق مكاسب ظرفية، مؤكدة تمسكها بمبدأ المحاسبة العادلة وحق جميع المواطنين في الإنصاف دون تمييز.
أحكام متفاوتة.. من الإعدام إلى عدم سماع الدعوى
في المقابل، أصدرت محكمة الاستئناف بتونس، يوم الاثنين الماضي، أحكامًا تراوحت بين الإعدام و"عدم سماع الدعوى"، بحق 24 متهمًا في قضية اغتيال بلعيد. وشهدت جلسات المحاكمة حضورًا واسعًا لمحامين وناشطين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، الذين اعتبروا أن هذه الأحكام تمثل خطوة هامة في مسار العدالة الانتقالية ومحاسبة المتورطين في الاغتيالات السياسية.
ماذا تعني هذه الأحكام للمشهد السياسي؟
يُتوقع أن تلقي هذه الأحكام بظلالها على المشهد السياسي في تونس خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية وعودة الجدل حول ملفات العدالة الانتقالية ومحاسبة المتورطين في العنف السياسي.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تُنهي هذه التطورات فصلًا من التوتر السياسي أم تفتح بابًا جديدًا للنقاش حول استقلال القضاء والتوازن بين العدالة والسياسة في تونس؟
خلاصة موقعنا
القضية التي استمرت لأكثر من عقد من الزمن طُويت بأحكام حاسمة، والرسالة الأبرز التي خرج بها الشارع التونسي هي أن العدالة، وإن تأخرت، قادرة على قول كلمتها. والأمل أن تبقى المؤسسة القضائية في منأى عن الصراعات، حفاظًا على مسار ديمقراطي سليم وعادل.
